بسم الله الرَّحمن الرَّحيم
عَبْدَ اللهِ بْنَ عَمْرٍو يَقُولُ: عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((مَثَلُ الْمُؤْمِنِ مَثَلُ النِّحْلَةِ إِنْ أَكَلَتْ أَكَلَتْ طَيِّبًا، وَإِنْ وَضَعَتْ وَضَعَتْ طَيِّبًا، وَإِنْ وَقَعَتْ عَلَى عُودِ شَجَرٍ لَمْ تَكْسِرْهُ، وَمَثَلُ الْمُؤْمِنِ مَثَلُ سَبِيكَةِ الذَّهَبِ إِنْ نُفِخَتْ عَلَيْهَا احْمَرَّتْ، وَإِنْ وُزِنَتْ لَمْ تَنْقُصْ)) رواه البيهقي وحسَّنه الألبانيُّ -رحمهما الله- في صحيح الجامع برقم: 5846.
قال المنَّاوي -رحمه الله- في فيض القدير (5/ 653):
ووجه الشَّبه: حذق النحل وفطنته، وقلَّة أذاه وحقارته، ومنفعته وقنوعه وسعيه في الليل، وتنزهه عن الأقذار، وطِيب أكله، وأنَّه لا يأكل من كَسْبِ غيره، وطاعته لأميره.
وأنَّ للنَّحل آفاتٌ تقطعه عن عمله؛ منها: الظُّلمة، والغَيْمُ، والرِّيح، والدُّخان، والماء، والنَّار، وكذلك المؤمن له آفاتٌ تفقره عن عمله: ظلمة الغفلة، وغيم الشك، وريح الفتنة، ودخان الحرام، ونار الهوى.
وقال أيضًا -رحمه الله-:[1]
فشبَّه المؤمن بذبابة العسل؛ لقلة مؤنتها، وكثرة نفعها، كما قِيل: "إن قعدت على عشٍّ لم تكسره، وإن وردت على ماء لم تكدره".
وقال علي: "كونوا في الدنيا كالنحلة كل الطير يستضعفها وما علموا ما ببطنها من النفع والشفاء".
ومعنى إن أكلت .. إلخ؛ أي: أنها لا تأكل بمرادها وما يلذُّ لها؛ بل تأكل بأمر مسخِّرها في قوله: ﴿كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ﴾ حُلوِها ومُرِّها، لا تتعداه إلى غيره من غير تخليط؛ فلذلك طاب وصفها لذَّة وحلاوة وشفاء.
فكذا المؤمن لا يأكل إلا طيِّبًا، وهو الذي حلَى بإذن ربه لا بهوى نفسه؛ فلذلك لا يصدر من باطنه وظاهره إلا طيب الأفعال، وذكيِّ الأخلاق، وصالح الأعمال؛ فلا يطمح في صلاح الأعمال إلا بعد طيب الغذاء وبقدر صفاء حله تنمو أعماله وتذكو". ا. ه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق