قال سفيان بن عيينة : كان العلماء فيما مضى يكتب بعضهم إلى بعض بهؤلاء الكلمات: من أصلح سريرته أصلح الله علانيته ،ومن أصلح ما بينه و بين الله أصلح الله ما بينه و بين الناس،ومن عمل لآخرته كفاه الله أمر دنياه)
إن حقاً على من طلب العلم أن يكون عليه وقار وسكينة وخشية وأن يكون متبعاً لآثار من مضى قبله......
Click to Visit Click to Visit Click to Visit Click to Visit Click to Visit

السبت، 20 أغسطس 2016

صفة العلم وصفة العالم الرباني

فضل العلم وصفة العالم الربَّاني

قال كُمَيْلُ بنُ زيادٍ: أخذ عليُّ بنُ أبي طالبٍ بيدي، فأخرجني إلى ناحية الجبَّان، فلمَّا أصحرنا جلس ثمَّ تنفَّس، ثمَّ قال: «يا كُمَيْلُ بنَ زيادٍ، القلوبُ أوعيةٌ، فخيرُها أوعاها للخير، احفظْ ما أقول لك: الناسُ ثلاثةٌ:
 فعالِمٌ ربَّانيٌّ
 ومتعلِّمٌ على سبيل نجاةٍ
 وهمَجٌ رعاعٌ أتباعُ كلِّ ناعقٍ، يميلون مع كلِّ ريحٍ، لم يستضيئوا بنور العلم، ولم يلجئوا إلى ركنٍ وثيقٍ.
العلمُ خيرٌ مِنَ المال، العلمُ يحرسك وأنت تحرس المالَ.
العلمُ يزكو على العمل، والمالُ تنقصه النفقةُ، ومحبَّةُ العلم دينٌ يدانُ بها.
العلمُ يُكْسِبُ العالِمَ الطاعةَ في حياته، وجميلَ الأحدوثة بعد موته، وصنيعةُ المال تزول بزواله.
مات خُزَّانُ الأموال وهم أحياءٌ، والعلماءُ باقون ما بقي الدهرُ، أعيانُهم مفقودةٌ، وأمثالُهم في القلوب موجودةٌ.
إنَّ هاهنا ـ وأشار بيده إلى صدرِه ـ علمًا لو أصبتُ له حَمَلةً! بلى، أصبتُه لقِنًا غيرَ مأمونٍ عليه، يستعمل آلةَ الدين للدنيا، يستظهر بحُجَجِ الله على كتابه، وبنِعَمِه على عباده، أو منقادًا لأهل الحقِّ لا بصيرةَ له في إحيائه، يقتدح الشكُّ في قلبه بأوَّل عارضٍ من شبهةٍ، لا ذا ولا ذاك، أو منهومًا باللذَّاتِ، سَلِسَ القيادِ للشهوات، أو مُغْرًى بجمع الأموال والادِّخار، وليس مِن دعاة الدين، أقربُ شبهًا بهما الأنعامُ السائمةُ، كذلك يموت العلمُ بموت حامليه.
اللَّهمَّ بلى، لا تخلو الأرضُ مِن قائمٍ لله بحُجَّةٍ، لئلَّا تبطل حُجَجُ اللهِ وبيِّناتُه، أولئك هم الأقلُّون عددًا، الأعظمون عند الله قدرًا، بهم يدفع اللهُ عن حُجَجِه حتى يؤدُّوها إلى نظرائِهم، ويزرعوها في قلوب أشباهِهم، هجم بهم العلمُ على حقيقة الأمر، فاستلانوا ما استوعر منه المتفرِّقون، وأنِسُوا بما استوحش منه الجاهلون، صحبوا الدنيا بأبدانٍ أرواحُها معلَّقةٌ بالمنظر الأعلى، أولئك خلفاءُ الله في بلاده، ودعاتُه في دينه، هاه هاه ! شوقًا إلى رؤيتِهم، وأستغفر اللهَ لي ولك... إذا شئتَ فقُمْ».

[أخرجها أبو نعيم في «الحلية» (١/ ٧٩)، والخطيب في «الفقيه والمتفقِّه» (١/ ٤٩)]

الأربعاء، 11 مايو 2016


من أسباب نسيان الحفظ
الشيخ: محمد بن صالح العثيمين –رحمه الله-
السؤال:
يُعاني الكثير من الطلاب نسيان المحفوظات وضياع فوائد المقروءات، فما هو الحل الأمثل في نظرك يا فضيلة الشيخ!?
الجواب:
أسباب ضعف الحفظ كثيرة
- منها: المعاصي؛ فإنَّ المعاصي توجب النسيان؛ قال الله -تبارك وتعالى-: ﴿فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظّاً مِمَّا ذُكِّرُوا﴾ [المائدة:13] 
وقال الشافعي -رحمه الله-:
شكوت إلى وكيع سوء حفظي .. فأرشدني إلى ترك المعاصي
وقال اعلم بأن العلم نورٌ .. ونور الله لا يؤتاه عاصي
- من أسباب النسيان: 
ألاَّ يتعاهد الإنسان ما حَفِظَ؛ يعني: لا يُكرِّره، دليل ذلك قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((تَعَاهَدُوا الْقَرْآنَ-يعني كرروه- فَوَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ لَهُوَ أَشَدُّ تَفَلُّتًا مِنَ الْإِبِلِ فِيْ عُقُلِهَا))[1].
- ثالثًا:
كثرة المشاغل، إذا كان إنسان عنده أشغال كثيرة فإنه ينسى؛ لأنَّ القلب وعاءٌ وهو الإناء، والإناء هذا له حد، له طاقة إذا امتلأ بشيءٍ لم يسع غيره، فإذا كان الإنسان غير متفرغ وعنده شواغل، فإن هذه الشواغل يُنسي بعضها بعضًا.
-ومن أسباب النسيان أيضًا: 
عدم العمل بالعلم، فأنت إذا عمِلتَ بما تعلَم فعملك دراسة -دراسة للعلم-؛ مثلاً: إذا علِمتَ أنه يجب الترتيب في الوضوء، ثم كنت تتوضأ مرتبًا فهذه دراسة بلا شك.
لقاء الباب المفتوح (197/ 25).

الخميس، 17 مارس 2016

ما يباح ويحرم من الزينة للنساء

 م
ما يباح ويحرم من الزينة للنساء

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فإن من الأمور الطبيعية للمرأة محبة الزينة, والتزين للزوج أو لبنات جنسها من النساء, قال الله تعالى في الأنثى: (أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِين)، وقال الله للمؤمنات: (وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ) إلى قوله تعالى: (أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ), ثم قال تعالى: (وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ)، والزينة اسم لكل ما تتزين به المرأة من الثياب والحلي والأصباغ، وما تتصرف به في شعرها طلباً للحسن.
    ويجب أن يعلم أن الأصل في الزينة الحل، فلا يحرم منها إلا ما خصه الدليل, وقد دلت النصوص على تحريم أنواع من الزينة التي هي من عادة النساء، كالوشم والوصل والوشر والتفلج في الأسنان والنمص، وكلها معروفة عند النساء, وقد لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم كل من تفعل ذلك أو يُفعل بها.
 ومن العادات القبيحة في التزين تركيب الأظفار، فإنه مناقض للفطرة التي أمر بها الشرع, وكذلك تركيب الرموش على أجفان العين فإنه في حكم الوصل، وهما إلى التقبيح أقرب من التزيين، ومما هو في حكم الوصل أيضا وضع صوفة أو إسفنجة فوق الرأس أو في القفا، ثم يلف عليها الشعر.
 فيجب على المسلمة تجنب كل أنواع الزينة المحرمة, ولا يبيحها رغبة الزوج، فإنه لاطاعة لمخلوق في معصية الخالق.
     كما يحرم على المسلمة من الزينة ما فيه تشبه بالرجال, وقد لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم من تفعل ذلك، ومما يحرم من الزينة ما فيه تشبه بالكافرات, ومما ينبغي للمسلمة تجنبه التشقير، لأنه تشبه بالنامصات، فأقل أحواله أن يكون من المشتبهات, وفي الحديث: (دع مايريبك إلى مالايربيك)، وفي الحديث الآخر: (فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه), والله أعلم.
قال ذلك
عبدالرحمن بن ناصر البراك
عضو هيئة التدريس (سابقا) بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بن سعود الإسلامية
حرر في 11 شعبان  1434هـ

سب الحكام والأمراء منهج الخوارج

سب الحكام والأمراء منهج الخوارج
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كثيراً من الناس والحمد لله يبغضون الخوارج ويعتقدون فيهم ما جاء في الأحاديث ومنها أنهم شرار الخلق والخليقة وأنهم كلاب النار. ولكنهم قد يشابهون الخوارج في بعض الأمور من حيث لا يشعرون، ومن ذلك إطلاق ألسنتهم في ولاة الأمور بسبب ما يرون منهم من الظلم والجور والأثرة وربما بسبب ما يرون منهم من انحراف في أخلاقهم وسلوكهم ، وربما بسبب ما يقال عنهم ويشاع ولا حقيقة له  من المعايب والمساوئ ولكن تلك الأخبار صادفت هوى في نفوسهم.
فسب الأمراء والطعن فيهم _ ولو بما فيهم_ ليس منهجاً مأثوراً عن سلف هذه الأمة من الصحابة والتابعين لهم بإحسان وإنما هو منهج موروث عن الخوارج لأنهم يدينون بالخروج المسلح على الحكام، والخروجُ المسلح لا بد أن يسبقه كلام من سب وتحريض وتحريش كما قال الشاعر (فإن النار بالعودين تذكى.. وإن الحرب أولها كلام).
والأدلة على أن طريقة السلف الصالح _المبنية على الكتاب والسنة_ هي رفض سب الأمراء والولاة كثيرة ولكني أقتصر منها على النصوص التالية:
عن زياد بن كسيب العدوي قال كنت مع أبي بكرة رضي الله تعالى عنه  تحت منبر ابن عامر وهو يخطب وعليه ثياب رقاق فقال أبو بلال _ وهو رجل من الخوارج_ انظروا إلى أميرنا يلبس ثياب الفساق فقال أبو بكرة: اسكت سمعت رسول الله  صلى الله عليه وسلم يقول: (من أهان سلطان الله في الأرض أهانه الله) رواه الترمذي وقال: هذا حديث حسن غريب
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال نهانا كبراؤنا من أصحاب رسول الله قال: ” لا تسبوا أمراءكم، ولا تغشوهم، ولا تبغضوهم، واتقوا الله، واصبروا فإن الأمر قريب[1]. وقال أحمد[2] وابن المديني[3] (ليس لأحد أن يطعن عليهم) أي ولاة الأمور.
وهذه النصوص لا تخص الصالحين من ولاة الأمور فقط بل تشملهم جميعاً أبراراً وفجاراً وعادلين وظلمة فهذا ابن عباس يسمع من يلعن الحجاج لتحريقه الكعبة فيقول له (لا تكن عوناً للشيطان)[4] .
وذلك أن من الحِكَم العظيمة في النهي عن سبهم الحرص على اجتماع الكلمة وعدم التفرق والاختلاف، فإن الاجتماع على الحاكم وإن كان ظالماً جائراً خير من بقاء الناس بلا إمام يأكل بعضهم بعضاً ويفني بعضهم بعضا.
إن إطلاق اللسان في الدولة أمام الأبناء والأهل والأقارب والزملاء والتلاميذ  _ فضلاً عن  النشر العام في وسائل التواصل _ كل ذلك يولد من الشرور ما لعلّ بعضه لا يخطر على البال ولنا فيمن سبقنا عظة وعبرة فهذا عبد الله بن عكيم _ وهو ممن أدرك النبي صلى الله عليه وسلم _  ندم على كلامه في عثمان رضي الله عنه وما كان يظن أن كلامه سيكون عوناً ومساهمة _ غير مقصودة_ في قتله رضي الله عنه[5].
ويؤكد هذا المعنى العلامة الكبير الشيخ ابن عثيمن رحمه الله فيقول : “سب ولي الأمر والتشهير به، فهذا ليس من الصدع بالحق؛ بل هذا من الفساد، هذا مما يوجب إيغار الصدور وكراهة ولاة الأمور والتمرد عليهم، وربما يفضي إلى ما هو أكبر إلى الخروج عليهم ونبذ بيعتهم والعياذ بالله”[6] اهـ .
وقال أيضاً رحمه الله :  “إن الذي يهين السلطان بنشر معايبه بين الناس وذمه والتشنيع عليه والتشهير به يكون عرضة لأن يهينه الله عزّ وجلّ؛ لأنه إذا أهان السلطان بمثل هذه الأمور؛ تمرد الناس عليه فعصوه، وحينئذٍ يكون هذا سبب شر فيهينه الله عزّ وجلّ”[7] اهـ .
فأوصي نفسي ومن تصله هذه الكلمة بكف الألسن عن ولاة الأمور سباً وطعناً ، والحرص على الدعاء لهم بالصلاح والهداية والعافية وحسن البطانة، ومناصحتهم قدر الإمكان مشافهة أو مكاتبة أو تبليغ النصيحة لمن يوصلها إليهم على وجه السر توخياً للطرق الشرعية في المناصحة والإصلاح.
هذا والله أعلم وصلى الله وسلم على عبده ورسوله وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان.
د. علي بن يحيى الحدادي.
             13/1/1437هـ
[1] – السنة لابن أبي عاصم (2/448)
[2] – أصول السنة له رحمه الله.
[3]– شرح أصول السنة للالكائي (1/168)
[4] – التاريخ الكبير للبخاري 8/104
[5] – انظر طبقات ابن سعد 6/115
[6] – شرح رياض الصالحين (3/ 668)
[7] – شرح رياض الصالحين (3/ 673)

الأربعاء، 15 أبريل 2015

تعريف الولاء والبراء لغة وشرعا


 تعريف وبيان:
أ- تعريف الولاء والبراء لغة وشرعا:
الولاء لغة:
قال ابن فارس: "الواو واللام والياء: أصل صحيح يدل على قرب... من ذلك الولي: القريب... والولاء: الموالون، يقال: هؤلاء ولاء فلان"، ثم قال: "والباب كلّه راجع إلى القرب"[1].
وقال الخليل بن أحمد: "الولاء: مصدر الموْلى... والوالي: المعتق والحليف والولي... والموالاة: اتخاذ المولى"[2].
وقال الراغب: "الولاء والتوالي: أن يحصل شيئان فصاعداً حصولاً ليس بينهما ما ليس منهما، ويستعار ذلك للقرب من حيث المكان، ومن حيث النسبة، ومن حيث الدين، ومن حيث الصداقة والنصرة والاعتقاد. والوَلاية: النصرة، والوِلاية: تولي الأمر، وقيل: الوِلاية والوَلاية نحو: الدِّلالة والدَّلالة"[3].
وقال ابن منظور: "قال ابن الأعرابي: الموالاة أن يتشاجر اثنان فيدخل ثالث بينهما للصلح ويكون له في أحدهما هوىً فيواليه أو يحابيه. ووالى فلان فلاناً إذا أحبه... وقد تكرر ذكر (المولى) في الحديث، قال: وهو اسم يقع على جماعة كثيرة فهو: الرب والمالك والسيد والمنعِم والمعتِق والناصر والمحب والتابع والجار وابن العم والحليف والعقيد والصهر والعبد والمعتَق والمنعَم عليه، وقد تختلف مصادر هذه الأسماء، فالوَلاية بالفتح في النسب والنصرة والعتق، والوِلاية بالكسر في الإمارة، والولاء في العتق، والموالاة من والى القوم، وقال: والولي: الصديق والنصير، ابن الأعرابي: الولي: المحب...
والموالاة: ضدّ المعاداة، والولي: ضدّ العدو.
وتولاه: اتخذه ولياً، وإنه لبيِّن الوِلاة والولية والتولي والولاء والوِلاية والوَلاية.
والولي: القرب والدنو..."[4].
البراء لغة:
قال ابن فارس: "فأمّا الباء والراء والهمزة فأصلان إليهما ترجع فروع الباب ـ ثم قال بعد ما ذكر الأصل الأول:ـ والأصل الآخر: التباعد من الشيء ومُزايَلَتُه، من ذلك البرء وهو السلام من السقم، يقال: برئت وبرأت... ومن ذلك قولهم: برئت إليك من حقك وأهل الحجاز يقولون: إنا براء منك، وغيرهم يقولون: أنا بريء منك"[5].
وقال الراغب: "أصل البُرء والبراءة والبَري: التقصّي مما يكره مجاورته، ولذلك قيل: بَرَأْتُ من المرض، وبِرئتُ من فلان وتبرّأت، وأبْرَأته من كذا، وبَرّأته، ورجل بَريء، وقوم برآء، وبريؤون"[6].
وقال ابن منظور: "قال ابن الأعرابي: برئ إذا تخلّص، وبرئ إذا تنزّه وتباعد، وبرئ إذا أعذر وأنذر، ومنه قوله تعالى: {بَرَاءةٌ مّنَ ٱللَّهِ وَرَسُولِهِ} [التوبة:1] أي: إعذار وإنذار... وليلة البراء ليلة يتبرأ القمر من الشمس"[7].
قال الزبيدي: "وقال البيضاوي: أصل تركيب البرْء لخلوص الشيء من غيره، إما على سبيل التقصي، كبَرَأ المريض من مرضه، والمديون من دينه، أو الإنشاء، كبَرَأ الله آدم من الطين"[8].
إذن الولاء لغة يطلق على عدّة معان منها: المحبة، والنصرة، والاتباع، والقرب من الشيء، والدنو منه.
والبراء لغة يطلق على عدة معان أيضاً منها: البعد، والتنزه، والتخلص، والعداوة.
الولاء والبراءشرعا:
عرّفها كثير من العلماء بقولهم[9]:
الولاية هي النصرة والمحبة والإكرام والاحترام والكون مع المحبوبين ظاهراً وباطناً، والبراء: هو البعد والخلاص والعداوة بعد الإعذار والإنذار.
قال شيخ الإسلام في أصل معنى الولاية والعداوة: "والولاية ضدّ العداوة، وأصل الولاية: المحبة والقرب، وأصل العداوة: البغض والبعد. وقد قيل: إنّ الولي سمّي ولياً من موالاته للطاعات، أي: متابعته لها، والأول أصح، والولي: القريب، يقال: هذا يلي هذا أي: يقرب منه"[10].
وقال الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن: "أصل الموالاة الحب، وأصل المعاداة: البغض، وينشأ عنهما من أعمال القلوب والجوارح ما يدخل في حقيقة الموالاة والمعاداة، كالنصرة، والأنس، والمعاونة، وكالجهاد، والهجرة، ونحو ذلك من الأعمال. والوليّ ضدّ العدو"[11].
وقال الشيخ عبد الله بن عبد العزيز العنقري: "إن الموالاة هي الموافقة والمناصرة والمعاونة والرضا بأفعال من يواليهم، وهذه هي الموالاة العامة، التي إذا صدرت من مسلم لكافر اعتبر صاحبها كافراً، أما مجرّد الاجتماع مع الكفار، بدون إظهار تام للدين، مع كراهية كفرهم، فمعصية لا توجب الكفر"[12].
ب- علاقة الحب والبغض بالولاء والبراء:
الحب والبغض هما أصلا الموالاة والمعاداة.
قال شيخ الإسلام: "أصل الموالاة هي المحبة، كما أنّ أصل المعاداة البغض، فإن التّحابّ يوجب التقارب والاتفاق، والتباغض يوجب التباعد والاختلاف، وقد قيل: المولى من الولي: وهو القرب، وهو يلي هذا، أي: هو يقرب منه.
والعدو من العدواء وهو البعد، ومنه العُدْوَة، والشيء إذا ولى الشيء ودنا منه وقرب إليه اتّصل به، كما أنه إذا عُدّى عنه، ونأى عنه، وبعد منه، كان ماضياً عنه"[13].
والموالاة لازم الحب وكذا المعاداة لازم البغض:
قال الشيخ سليمان بن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب في شرح قوله صلى الله عليه وسلم: ((ووالى في الله)): "هذا بيان للازم المحبة في الله وهو الموالاة، فيه إشارة إلى أنه لا يكفي في ذلك مجرّد الحب، بل لا بد مع ذلك من الموالاة التي هي لازم الحب، وهي النصرة والإكرام والاحترام والكون مع المحبوبين باطناً وظاهراً".
وقال في شرح قوله صلى الله عليه وسلم: ((وعادى في الله)): "هذا بيان للازم البغض في الله وهو المعاداة فيه، أي: إظهار العداوة بالفعل، كالجهاد لأعداء الله والبراءة منهم، والبعد عنهم باطناً وظاهراً، إشارة إلى أنه لا يكفي مجرّد بغض القلب، بل لا بد مع ذلك من الإتيان بلازمه"[14].

 

[1] مقاييس اللغة (6/141-142).
[2] كتاب العين (ص 8/365).
[3] مفردات ألفاظ القرآن (ص 885-887).
[4] لسان العرب (1/400-407).
[5] مقاييس اللغة (1/236-237).
[6] مفردات ألفاظ القرآن (ص 121).
[7] لسان العرب (1/354-356).
[8] تاج العروس (1/145).
[9] انظر: شرح الطحاوية (ص 403)، وتيسير العزيز المجيد (ص 480)، وكتاب الإيمان لنعيم ياسين (ص 256)، والولاء والبراء في الإسلام (ص 87-92)، والموالاة والمعاداة (ص 27-31).
[10] الفرقان (ص 53).
[11] الدرر السنية في الأجوبة النجدية (2/325).
[12] الدرر السنية في الأجوبة النجدية (7/309)، وانظر: الموالاة والمعاداة (1/28).
[13] قاعدة في المحبة (ص 198).
[14] تيسير العزيز الحميد (ص 480).

الخميس، 11 ديسمبر 2014

مَنْ هو النّاعق؟


،،،


"عن أميرِ المؤمنين عليٍّ بنِ أبي طالبٍ -رضي الله عنه-قال:
((النّاسُ ثلاثةٌ: فَعَالِمٌ رَبَّانِيٌّ ، وَمُتَعَلِّمٌ عَلَى سَبِيلِ النَّجَاةِ ، وَهَمَجٌ رِعَاعٌ -أو رُعاع- أَتْبَاعُ كُلِّ نَاعِقٍ)).


الأول:
العالمُ الربانيُّ:
هو الذي يحسنُ سياسةَ الناس في تعليمهم دينهم؛ فيبدؤهم بصغار المسائل قبل كبارها!


الثاني:
المتعلِّم:
الذي هو على سبيلِ نجاة، محبّ للخيرِ، يطلب من الفقه في دين الله ما يتبصَّر به، فيعمل ما يأمره الله به ورسوله، ويدع ما نهاه الله عنه ورسوله هذا على سبيل النجاة؛ سالكٌ سبيل النجاة!


والثالث:
الهمج الرّعاع؛ أتباع كل ناعق!
من هو النّاعق؟
النّاعق: هو الذي يتصدّر ميادين الدّعوة، ويُقحمُ نفسه، فيتكلَّم في مسائلَ ليس عنده من الفقهِ في دين الله ما يؤهله للكلام فيها!
وإنما هو زخرفُ القول، وشقشقةُ العبارات!
وقد ينطق بالكُفرياتِ!
ولكن أتباعه لايميزون؛ لأنهم رعاع!
وأظنًّ هذا عقوبة من اللهِ لهم؛ حينما زهدوا في العلماء الربانيين الذين يبصرونهم في دين الله من الكتاب والسنة وعلى فهم السلف الصالح من الصحابة ومن تبعهم بإحسانٍ
فابتُلُوا بهؤلاء أصحابِ زخرفِ القولِ!
وهذا حضٌّ منه -رضي الله عنه- إلى أن يجتهدَ المسلمون في توقيرِ علمائهم الرّاسخين في العلم؛ الناصحين للأمة!
فلا يعلمونهم من دينهم إلا بما فقهوه من الكتاب والسنة وسيرةِ السلفِ الصالحِ
وبالله التوفيق" اهـ


من صفحةِ موقعِ [ميراث الأنبياء]من شرحِ العلامةِ الجابريّ _حفظه الله_لرسالةِ: نواقض الإسلام

السبت، 3 مايو 2014

الأحد، 9 فبراير 2014

ثلاث وصايا نبويَّة عظيمة

ثلاث وصايا نبويَّة عظيمة

الخميس، 19 ديسمبر 2013

كلمة (سيدة) اضربوا عليها بالقلم الأحمر واشطبوها من القاموس


(فائدة نفيسة للشيخ بن عثيمين رحمه الله)

السؤال : سائلة تقول

الثلاثاء، 10 ديسمبر 2013

من أراد بحبوحة الجنة فليلزم الجماعة

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على عبده ورسوله محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين أما بعد: