قال سفيان بن عيينة : كان العلماء فيما مضى يكتب بعضهم إلى بعض بهؤلاء الكلمات: من أصلح سريرته أصلح الله علانيته ،ومن أصلح ما بينه و بين الله أصلح الله ما بينه و بين الناس،ومن عمل لآخرته كفاه الله أمر دنياه)
إن حقاً على من طلب العلم أن يكون عليه وقار وسكينة وخشية وأن يكون متبعاً لآثار من مضى قبله......
Click to Visit Click to Visit Click to Visit Click to Visit Click to Visit

السبت، 20 أغسطس 2016

صفة العلم وصفة العالم الرباني

فضل العلم وصفة العالم الربَّاني

قال كُمَيْلُ بنُ زيادٍ: أخذ عليُّ بنُ أبي طالبٍ بيدي، فأخرجني إلى ناحية الجبَّان، فلمَّا أصحرنا جلس ثمَّ تنفَّس، ثمَّ قال: «يا كُمَيْلُ بنَ زيادٍ، القلوبُ أوعيةٌ، فخيرُها أوعاها للخير، احفظْ ما أقول لك: الناسُ ثلاثةٌ:
 فعالِمٌ ربَّانيٌّ
 ومتعلِّمٌ على سبيل نجاةٍ
 وهمَجٌ رعاعٌ أتباعُ كلِّ ناعقٍ، يميلون مع كلِّ ريحٍ، لم يستضيئوا بنور العلم، ولم يلجئوا إلى ركنٍ وثيقٍ.
العلمُ خيرٌ مِنَ المال، العلمُ يحرسك وأنت تحرس المالَ.
العلمُ يزكو على العمل، والمالُ تنقصه النفقةُ، ومحبَّةُ العلم دينٌ يدانُ بها.
العلمُ يُكْسِبُ العالِمَ الطاعةَ في حياته، وجميلَ الأحدوثة بعد موته، وصنيعةُ المال تزول بزواله.
مات خُزَّانُ الأموال وهم أحياءٌ، والعلماءُ باقون ما بقي الدهرُ، أعيانُهم مفقودةٌ، وأمثالُهم في القلوب موجودةٌ.
إنَّ هاهنا ـ وأشار بيده إلى صدرِه ـ علمًا لو أصبتُ له حَمَلةً! بلى، أصبتُه لقِنًا غيرَ مأمونٍ عليه، يستعمل آلةَ الدين للدنيا، يستظهر بحُجَجِ الله على كتابه، وبنِعَمِه على عباده، أو منقادًا لأهل الحقِّ لا بصيرةَ له في إحيائه، يقتدح الشكُّ في قلبه بأوَّل عارضٍ من شبهةٍ، لا ذا ولا ذاك، أو منهومًا باللذَّاتِ، سَلِسَ القيادِ للشهوات، أو مُغْرًى بجمع الأموال والادِّخار، وليس مِن دعاة الدين، أقربُ شبهًا بهما الأنعامُ السائمةُ، كذلك يموت العلمُ بموت حامليه.
اللَّهمَّ بلى، لا تخلو الأرضُ مِن قائمٍ لله بحُجَّةٍ، لئلَّا تبطل حُجَجُ اللهِ وبيِّناتُه، أولئك هم الأقلُّون عددًا، الأعظمون عند الله قدرًا، بهم يدفع اللهُ عن حُجَجِه حتى يؤدُّوها إلى نظرائِهم، ويزرعوها في قلوب أشباهِهم، هجم بهم العلمُ على حقيقة الأمر، فاستلانوا ما استوعر منه المتفرِّقون، وأنِسُوا بما استوحش منه الجاهلون، صحبوا الدنيا بأبدانٍ أرواحُها معلَّقةٌ بالمنظر الأعلى، أولئك خلفاءُ الله في بلاده، ودعاتُه في دينه، هاه هاه ! شوقًا إلى رؤيتِهم، وأستغفر اللهَ لي ولك... إذا شئتَ فقُمْ».

[أخرجها أبو نعيم في «الحلية» (١/ ٧٩)، والخطيب في «الفقيه والمتفقِّه» (١/ ٤٩)]

ليست هناك تعليقات: