لقد كان من أساليب الصحابة والتابعين في التحذير من مخالطة أهل الأهواء والتنفير منها ذكر صفاتهم السيئة حتى يتجنب المؤمن أن يكون منهم إذا جالسهم وصاحبهم فكانوا يرون أنهم من السوء بحيث تكون مجاورة القردة والخنازير عندهم خيرا من مجاورة واحد من أهل الأهواء والبدع وكانوا يرون أن لصحبتهم عرة كعرة الجرب .
فقد روى المصنف وهو أبو عبد الله عبيد الله بن محمد بن بطة العكبري الحنبلي المتوفى سنة 387 ه من آثار السلف : رفض ابن سيرين أن يسمع من رجلين صاحبي بدعة حتى آية من القرآن وأجابهما إما أن تقوما عني أو أقوم عنكم , ورفض كذلك أن يزوره واحد من أهل البدع خشية أن يسمع منه كلمة فلا يرجع إليه قلبه كما كان معللا ذلك بأن قلب الإنسان ضعيف وكذلك لم يرض أيوب أن يسمع من صاحب بدعة ولا نصف كلمة كما يقول
وكان يقول : لست براد على أصحاب البدع بأشد من السكوت ولم يقبل أن يغسل ميتا عرف أنه كان يماشي صاحب بدعة .
فأقول تعليقا على هذه النقطة أين أنت يا ابن سيرين من أناس يدعون السلفية اليوم وفي بيوتهم وسياراتهم أشرطة الحزبيين ويحضرون محاضراتهم ليكثرون سوادهم والله لو بثت إذاعة القرآن الكريم واحد منهم لكان أولى لك أخي الحبيب أن تغلق المذياع خوفا على قلبك فهذا إمام خاف على قلبه ألا تخاف على قلبك .
وأين أنت يا أيوب من مشايخ يدعون السلفية ويزكون جمعية إحياء التراث الحزبية ويجالسون المغراوي القطبي المحترق ويدافعون عنه ويزكونه ويضربون بكلام مشايخنا عرض الحائط .
وكان سفيان الثوري يرى أن بطانة الرجل إذا كان قدريا كان هو الأخر قدريا حتى لو قيل له إنه من أهل السنة .
ورحم الله الأوزاعي الذي يقول من خفيت علينا بدعته لم تخفى علينا ألفته والألفة تكون بالزيارة والمجالسة وأن تكون الكلمة والهيمنة على المجلس لهم والسلفي ساكت ضعيف لا يستطيع الرد والله تعالى يقول { وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعاً} (النساء:1)
وكان الفضيل يقول : ليت بيني وبين المبتدع حصنا من حديد وضرب عمر بن عبد العزيز رجلا صائما كان في مجلس شراب لأن من صحبهم كان مثلهم .
ثم يقول المصنف : ومن هنا كانوا يرون أن على الرجل أن يتحول من منزله إذا قدر على ذلك خير من أن يجاوره صاحب بدعة , وإذا مشى صاحب البدعة في طريق فعلى المؤمن أن يأخذ في غيره , وأن مجاورة صاحب الطنبور أخف من مجالسة صاحب البدعة وكانوا يرون أن من يجالس أهل البدع أشد عليهم من أهل البدع وكانوا يتحوطون في أمر الرجل فلا يطمئنون إليه إلا إذا اطمأنوا إلى ممشاه ومدخله وألفه من الناس .ورحم الله يونس بن عبيد من كبار التابعين رأى ابنه يخرج من بيت عمرو بن عبيد رجل صالح مجلسه مجلس سكون ويقرأ أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكنه معتزلي فقال يابني لأن رأيتك تخرج من بيت خنثى أحب إلي من أن أراك تخرج من بيت عمرو بن عبيد ( ذكره الإمام البربهاري في شرح السنة ) .
وذكر المصنف رحمه الله كذلك : أن السلف كانوا ينظرون إلى من يساوي بين مجالسة أهل الإيمان وأهل السنة بمجالسة أهل الهوى أنه يساوي بين الحق والباطل أي أنه لا ينبغي إذا جالس أهل السنة أن يجالس الآخرين
نقلته من كتاب الإبانة الكبرى (1) الإيمان/ 83 - 84
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق